للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فالمسلمون يوم أُحُد كانوا نحوًا من رُبُع العدو؛ فإن العدو كانوا ثلاثة آلاف أو نحوها، وكان المسلمون نحو السّبعمائة أو قريبًا منها.

وأيضًا فالمسلمون يوم الخندق كان العدو بقَدْرِهِم مرَّات، فإنّ العدوّ كان أكثرَ من عشرة آلاف، وهم الأحزابَ الذين تَحَزَّبوا عليهم من قريش وحلفائِها وأحزابِها الذين كانوا حول مكة وغَطَفان وأهل نجد، واليهود الذين نَقَضُوا العهد وهم بنو قريظة جيران أهل المدينة، وكان المسلمون بالمدينة دون الألفَيْن.

وأيضًا فقد كان الرجل وحْدَهُ على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحمِلُ على العدو بِمَرْأى من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويَنْغمسُ فيهم، فيُقَاتل حتى يُقْتل. وهذا كان مشهورًا بين المسلمين على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخلفائه.

وقد روى البخاري في صحيحه (١) عن أبي هريرة قال: بَعَثَ رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشرةَ رَهْطٍ عَيْنًا، وأمَّرَ عليهم عاصمَ بنَ ثابتٍ الأنصاريَّ جَدَّ عاصمِ بنِ عمر بن الخطابِ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهَدْأَةِ بين عُسْفَانَ ومكة ذُكِرُوا لِحي مِن هُذيلٍ يُقال لهم بَنُو لِحْيَانَ، فنَهَدُوا إليهم بقريب مِن مائة رجلٍ رام -وفي روايةٍ: مائتي رجل- فاقْتَفوا آثارَهم، حتى وجدوا مأكَلَهم التمر في منزل نزلوه فقالوا [هذا] تَمْرُ يَثْرِبَ.

فلما أحسَّ بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى موضع -وفي رواية إلى فَدْفَدٍ، أي إلى مكان مرتفع- فأحاط بهم القومُ، فقالوا لهم:


(١) برقم (٣٠٤٥ ومواضع أخرى).