للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (١٧٢)) (١) الآية، وقال تعالى: (يأهلَ اَلكتاب لَا تَغلُواْ في دِينكم غير الحق و َلَا تَتبِعُوَاْ أَهواء قوم قد ضَلواْ مِن قَبلُ وَأَضلُواْ كثيرا وَضَلُواْ عَن سَواء السَّبِيلِ (٧٧)) (٢).

وقد ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "لا تُطْرُوني كما أَطْرَتِ النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله" (٣). وقال: "إيّاكم والغُلوَّ في الدين، فإنما أهلكَ مَن كان قبلكم الغُلُوُّ في الدين" (٤). وهذا قال لهم بسبب رَمْي الجمارِ لئلَاّ يَغْلُوا فيها، فكيف فيما هو أعظم من ذلك؟ وهؤلاء أهلُ الغلوِّ النصارى ومن شابَهَهم من هذه الأمة في الغلوّ - كما ثبتَ عنه في الصحيحين (٥) أنه قال: "لَتَركَبُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّةِ، حتى لو دَخَلوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخلتُموه" - هم قَصَدوا تعظيمَ الأَنبياء والصالحين بالغُلوّ فيهم، فوقعوا في تكذيبهم وبُغضِهم ما جاءوا به، فإنّ المسيح قال للنصارى كما أخبر الله عنه أنه قال: (مَا قلتُ لهم إلا مَاَ أَمرَتَني بِهِ أَنِ اَعبُدُواَْ اللهَ رَبِى وَربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقِيبَ عَلَيهِم وَأَنت على كل شئ شَهِيد (١١٧)) (٦) وقال المسيح: (إِني عَبدُ


(١) سورة النساء: ١٧١ - ١٧٢.
(٢) سورة المائدة: ٧٧.
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٤٥،٦٨٣٠) عن عمر بن الخطاب.
(٤) أخرجه أحمد (١/ ٢١٥،٣٤٧) والنسائي (٥/ ٢٦٨،٢٦٩) وابن ماجه (٣٠٢٩) عن ابن عباس. وصححه النووي في "المجموع" (٨/ ١٧١) والألباني في "الصحيحة" (١٢٨٣).
(٥) البخاري (٣٤٥٦،٧٣٢٠) ومسلم (٢٦٦٩) عن أبي سعيد الخدري.
(٦) سورة المائدة: ١١٧.