للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو المشروع.

وأما زيارةُ المشاهد والقبور لأجل الصلاة عندها والدعاء عندها وبها، والتمسُّح بها وتقبيلها، وطلب الحوائج من الرزق والنصر والهدى عندها وبها، فهذا ليس مشروعًا باتفاق أئمة المسلمين، إذ هذا لم يفعلْه رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا أمرَ به، ولا رَغب فيه، ولا تعلَّمه أحدٌ من الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين، بل ولا كانوا يَبْنُون مشهدًا على قبر ولا مسجدًا ولا غيرَه، وإنما حدثتْ هذه المشاهدُ بعدَ القرونِ المفضلة التي أثنى عليها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القرنِ الذي بُعِث فيهم ثم الذين يلونَهم ثم الذين يلونهم، وإنما انتشرتْ في دولة بني بُوَيْه ونحوهم من أهل البدع والجهل. وقد نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك، بل لعنَ من يَفعلُه، كما في الصحيحين (١) عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال في مرضِه الذي مات فيه: "لَعن الله اليهودَ والنصارى، اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد"، يُحذرُ ما صَنَعوا. قالت عائشةُ: ولولا ذلك لأبرزَ قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدا (٢).

وفي صحيح مسلم (٣) عن جُندَب أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال قبل أن يموتَ بخمس: "إن مَن كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجدَ، إلاّ فلا تتخذوا القبورَ مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك".


(١) البخاري (٤٣٥ ومواضع أخرى) ومسلم (٥٣١) عن عائشة.
(٢) أخرجه البخاري (١٣٣٠، ١٣٩٠، ٤٤٤١) ومسلم (٥٢٩).
(٣) برقم (٥٣٢).