للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرهم به وقالوا فيه طاعة، وهو غير المقول، ليس المراد أنهم بيتوا لفظًا غير اللفظ الذي لفظتْ به، فإن هذا لا يضر إذا كان المعنى موافقًا لما قاله.

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (٣)) (١). فقوله "ما لا تفعلون" هو مفعول القول، وهو المقول، وهم قالوا: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لفعلناه، فكان إخبارهم عن أنفسهم أنهم إذا علموا الأحب فعلوه، ووعدهم بذلك، والمقول هو فعلهم للأحب، وهو الموعود به المخبر عنه، فلامَهم على أن قالوا مقولا هو موعود مُخْبر به ولم يفعلوه، وكان الفعل نفسه هو المقول، فالمقول هو المخبر عنه إن كان القول خبرًا، والمأمور به والمنهي عنه إن كان القول أمرا أو نهيا. فإذا قال: لا أفعل، ثم فعل، فقد عاد لما قال، وإذا قال لأفعلنَّ، ولم يفعل، فلم يفعل ما قال. وهذا هو المعنى المفهوم في مثل هذا اللفظ عند عامة الناس الخاصة والعامة، بل وفي سائر اللغات، فإذا قيل: فلان قد حلفَ أن لا يكلم فلانا، أو قال: لا أكلمه، ثم عاد إلى ما قال، فهموا منه أنه عاد إلى أن يكلمه، لم يفهموا أن ما مصدرية.

فصل

ومعنى قوله (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا) (٢) أي إلى الذي امتنعوا عنه بقولهم، فإن القول إذا كان خبرا فالمقول هو المخبر عنه، وإن كان أمرًا فالمقول هو المأمور به، وإن كان نهيا فالمقول هو المنهي عنه.


(١) سورة الصف: ٢ - ٣.
(٢) سورة المجادلة: ٢.