للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توحيد الواحد الذي أشرك به غيرَه.

وهؤلاء الفرعونية القرامطة لما أشركوا بالله سائر المخلوقات في الألوهية، وقالوا: إن ذلك الوجود المشترك هو الله وهو المعبود، صاروا موحدين الوجود المشترك قائلين بأن وحدة الوجود المشترك هي وحدة الله، وليس هذا توحيد الله الذي أشركوا به خلقَه، وإنما هو توحيدٌ للمشترك بينه وبين خلقه. وكل مشركٍ في العالم فهو موحد هذا التوحيد الشركي الكفري، لكن هؤلاء جمعوا كلَّ شرك.

وأما توحيد الله الذي يستحقه على عباده والذي بعث به رسلَه وأنزلَ به كتبَه، فهو توحيده نفسه وإخلاص الدين له، لا توحيد المشترك بينه وبين خلقه. ولهذا كان هذا التوحيد جامعًا لكل تَلْحيدٍ، فإن المسلمين سمَّوا القرامطة ملاحدة، وهؤلاء حقيقة قولهم هو قول الملاحدة الإسماعيلية النصيرية القرامطة الفرعونية النمرودية، وأما مشركو العرب والصابئة الفلاسفة ونحوهم فأحسنُ حالاً من هؤلاء، ولا حُسْنَ في شيء من الشرك، وإنما الغرض أن هؤلاء أكفرُ من ثلاثة أوجهٍ:

من جهة أنهم أشركوا به جميعَ الموجودات.

ومن جهة أنهم جعلوا المخلوقات هي إياه، وأولئك اعترفوا بأن شركاءهم ملكُه وأنهم ليسوا إياه، وهؤلاء جعلوها إياه وجزءًا منه.

ومن جهة أنهم أنكروه وكذّبوا بوجودِه، حيث جعلوه الوجود المطلق أو وجود المخلوقات.