للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله الذي علَّم القرآن، خلق الإنسان، علَّمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الباهرُ البرهان، وأشهد أن محمدا عبدُه ورسوِله المبعوثُ إلى الإنس والجانّ، صلى الله عليه وآله وسلّم تسليمًا يَرضى به الرحمن.

سألتَ -وفَقك الله- عن معنى حرف "لو"، وكيف يتخرج قول عمر رضي الله عنه: "نعم العبدُ صهيبٌ، لو لم يَخَفِ اللهَ لم يَعْصِه" (١) على معناها المعروف؟ وذكرتَ أن الناس يضطربون في ذلك، واقتضبت الجواب اقتضابًا أوجبَ أن أكتب في ذلك ما حضرني الساعةَ، مع بُعدِ عهدي بما بلغني مما قاله الناس في ذلك، وإني ليس يَحضُرني الساعةَ ما أراجعه في ذلك. فأقول، والله الهادي النصير:

الجواب مرتبٌ على مقدمات:

إحداها: أن حرف "لو" المسئول عنها من أدوات الشرط، وأن الشرط يقتضي جملتين إحداهما شرط والأخرى جزاء وجواب، وربما سُمِّيَ المجموع شرطًا، وسُمّيَ أيضا جزاء. ويقال لهذه الأدوات أدوات الشرط وأدوات الجزاء، والعلم بهذا كلّه ضروريٌّ لمن كان له عقلٌ وعلم بلغة العرب، والاستعمال على ذلك أكثر من أن يُحصَر،


(١) لم يثبت هذا عن عمر وإن اشتهر على لسان الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية. ورُوِي معناه من حديث عمر مرفوعًا في حق سالم مولى أبي حذيفة، ونصه كما في "الحلية" (١/ ١٧٧): "إن سالمًا شديد الحبّ لله عز وجل، لو كان لا يخاف الله ما عصاه". وسنده ضعيف، انظر "المقاصد الحسنة": ٤٤٩، و"الدرر المنتثرة": ١٩٦.