وفي رواية لمسلم (١): أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بوضع الجوائح.
فإذا كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل الثمرة التالفة من ضمان البائع، ونهى البائع أن يأخذ من المشتري شيئًا من الثمن، وبين أنه أكل مالاً بالباطل، مع أن الثمرة بعد بدو صلاحها عينٌ موجودة، فإنه قد يمكن الانتفاع بها ببعض الوجوه، فالمنافع التي لم توجد بعدُ ولا يمكن المستأجر من استيفاء شيء منها أولى وأحرى أن لا يكون من ضمانه، بل من ضمان المؤجر. ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي في الجديد يقولان: المنفعة تتلف من ضمان المؤجر، والثمرة من ضمان المشتري. فإذا كان النص قد ورد في الثمار بأنها من ضمان البائع، فلأن تكون المنافع من ضمان المؤجر أولى.
وأيضًا فإن تلف المنافع قبل التمكن من استيفائها كتلف الأعيان المبيعة قبل التمكن من استيفائها، وإذا كان المبيع التالف قبل التمكن من قبضه من ضمان البائع، فكذلك المنافع التالفة قبل التمكن من استيفائها، ومعلومٌ أنه لم يتمكن من استيفائها، وطرد ذلك الثمرة بعد ظهور صلاحه وقبل كماله، فإن المشتري لما لم يتمكن من جدادها على الوجه المعروف كانت من ضمان البائع، فإن التمكن إنما يحصل عند إمكان الجداد على الوجه المعروف.
فإن قيل: بل المستأجر قد قبض المنفعة قبضًا حكميا، فقبض العين بدليل جواز التصرف فيها بالإجارة، وبدليل أنه يجب عليه تسليم الأجرة.
قيل: هذا فيه نزاع، فأما إجارة المستأجر لما استأجره فعن أحمد