للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيوخ المشهِورين، كان أقدمَ من الجُنيد وطبقتِه، وقد أدرك أحمدَ وعصرَه وعاش بعده.

ومن لا يَستحبُّ بل يراه بدعةً -وهو الصواب المقطوعُ به- يحتجُّ بأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك وهم أعلم بالخير وأرغبُ، وليس فعلُ [المذكورِ] وأمثالِه ولا قولُ طائفة من متأخري الفقهاء مما يُعارَضُ به أقوالُ السلف.

وأما احتجاج المحتجَّ بتضحية علي رضي الله عنه عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقال له: هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي (١) من حديث حَنَش الصنعاني، قال: رأيتُ عليًّا عليه السلام يُضحِّيْ بكَبْشَين، فقلتُ له: ما هذا؟ فقال: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوصاني أن أضحِّيَ عنه، فأنا أُضحِّيْ عنه". وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شَرِيك. ومثل هذا الإسناد قد يقال: لا تقومُ به سنة، فإن حنشًا تكلم فيه غير واحد، قال أبو حاتم: كان كثير الوهم، وشَرِيك بن عبد الله القاضي في حديثه لين.

وإن صح هذا الحديث فإنه إنما ضحَّى عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإذنه، وهذا جائز ولو لم يردْ هذا الحديث، فإن الميت إذا أوصى أن يُضحَّى عنه كان كما لو أوصى أن يُحجَّ عنه، فإن الأضحية عبادة بدنية مالية كالحج عنه، ولو وصَّى بالصدقة عنه جارْ بإجماع المسلمين، بل


(١) أبو داود (٢٧٩٠) والترمذي (١٤٩٥) وأحمد (١/ ١٠٧) وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (١/ ١٤٩، ١٥٠) من الطريق المذكور.