للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راجحة، فيكون النهي عما فيه مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة، فأما إذا كان فيه مصلحة راجحة كان ذلك مباحًا، فإن هذه المصلحة راجحة على ما قد يُخاف من المفسدة. ولهذا يجوز النظر إلى الأجنبية للخِطبة لرجحان المصلحة، وإن كان النظر لغير حاجة لم يجز.

وكذلك سفر المرأة مع غير ذي محرم منهيٌّ عنه، ويجوز لرجحان المصلحة، كسفر عائشة مع صفوان بن المعطّل لما كانت وحدها (١)، وكان سفرها معه خيرًا من أن تبقى ضائعةً.

وكذلك هجرتها بلا محرم، كهجرة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بلا محرم (٢)، وزينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل لها رجالًا جاءوا بها.

وقد تنازع الفقهاء في الحج، والأقوى أنه إذا تعذَّر حجها مع المحرم أن تحج إذا أمنت، لأن حجها مع من تأمنه أرجح من تفويت الحج. وقوله: «حُجَّ مع امرأتك» (٣) دليلٌ على أنه إذا أمكن سفرُها مع محرم لم تخرج وحدَها جمعًا بين المصلحتين، وأما إذا دار الأمرُ بين تفويتِ الحج وبين سفرِها بلا محرم سفرًا آمنًا كان حصولُ الحج أصلَحَ لها، فإن حصول الفساد في دينها إذا سافرت وحدَها، وهذا في طريق الحج نادر، ومع من تأمنُه معدوم، بخلاف سفرها بلا محرم لتجارة


(١) في قصة مشهورة أخرجها البخاري (٢٦٦١) ومسلم (٢٧٧٠) عن عائشة.
(٢) انظر: الاستيعاب (٤/ ١٩٥٣، ١٩٥٤).
(٣) أخرجه البخاري (٥٢٣٣) ومسلم (١٣٤١) من حديث ابن عباس.