للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسماعُه، وهو يُسكِر صاحبَه. ولهذا قد يَحصلُ لأهلِه مع الأحوال من العداوة والبغضاء والعَربدة، من جنسِ ما يحصُل للشَّرْبِ (١) المجتمعين على الحُمَيَّا.

وكما دخلت الصابئةُ بسبب انحراف بعض أصحابنا الصوفية إلى القدر المشترك في الصوت والصُّور، دخلوا أيضًا في الشرك من تعظيم القبور وغير ذلك، كما فعله ابن سينا وابن الخطيب وقاضي حَماة ابنُ واصل وغيرهم في تقرير الاستغاثة بالموتى، بناءً على أن الروح المفارقةَ تَعضُد الأرواحَ المستغيثةَ بها، وهذا مبدأ الشرك وعبادة الأوثان، وتعدَّت العامة ذلك إلى رسم عبادة الأصنام والأوثان، كما فعل ابن الخطيب في كتاب الطلاسم والسحر، وقصدوا أصل الشرك الذي بعث الله الرسل بتحريمه وجعله أصل الشرك، وغيَّروا بذلك ملة التوحيد التي هي أصل الدين، كما فعله قدماء المتفلسفة الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله.

ومن أسباب ذلك الخروجُ عن الشريعة الخاصة التي بعث الله بها محمدًا - صلى الله عليه وسلم - إلى القدر المشترك الذي فيه مشابهة الصابئين أو النصارى أو اليهود، وهو القياس الفاسد المشابه لقياس الذين قالوا: إنما البيع مثل الربا، فيريدون أن يجعلوا السماعَ جنسًا واحدًا، والتألُّه جنسًا واحدًا، ولا يميزون بين مشروعه ومبتدعه، ولا بين المأمور به والمنهي عنه.


(١) الشَّرب: القوم المجتمعون على الشراب.