للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه لازم: إما أنه لفظ مجملٌ لم يفهم مراد صاحبه، أو صاحبه غالِطٌ فيما أمر به أو أخبر به.

مثالُ ذلك قول بعضهم: ينبغي للمريد أن يكون بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل.

فهذا الكلام إذا أريد به في جانب الله أن يكون مفوّضاً إليه أموره فيما يقدر عليه مما ليس فيه ترك واجب ولا مستحب، فهذا معنى صحيح، لكن دلالة اللفظ عليه بعيدة، وظاهرُه يُعطي أنه لا يكون له من نفسه حركة قط حتى تُحرَّك تحريكًا جبرياً، فهذا باطل ممتنع. ثم إن الممكن منه محرَّم في الدين على الإطلاق، وذلك أن الميت لا تقوم به حركةٌ ببدنه ولا إرادة تحرك بدنه، والحي ليس كذلك، فإن جسده يتحرك حركة اختيارية (١)، وهذا أمر لا بد منه، فلا بد من الحركة الاختيارية، ويمتنع أن يُحرّكَ حركةً ينتفي حكمُ إرادتِه فيها، فالأمر فيه عكس الميت من وجهين: الوجود والعدم، فإن الميت لا يتحرك بدنه في العادة باختياره، وهو يُحرَّك دائمًا بغير اختياره، وقول المطلق احتراز على المقيد ونحوه ممن غسّل، فذاك لا فعلَ له بحالٍ، فهذا بطلانُه وامتناعُه.

وأما مخالفتُه للدين والشريعة، فإن الله لم يأمرنا بعدم الإرادة والحركة، ولا مراده في دينه منا أن نكون مسلوبي (٢) الاختيار والحركة


(١) في الأصل: "اختياره".
(٢) في الأصل: "مسلوبين".