للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا لا يصلح ...... (١) إلا مع المكنة والقدرة، كما لا تصلُح المعاقبةُ إلا للقادر المتمكن، بخلاف الأولى. ولهذا كانت الأولى مشروعة بمكة، والثانية إنما شُرِعتْ بالمدينة بعد تبوك لما كان الإسلام في غاية القوة، فإن الثانية تتضمن تركَ السلام عليه وتركَ عيادتِه وتقديمِه في شيء من المراتب الدينية، كالإمامة والحكم والشهادة والحديث والفتوى.

وهذا إذا كان ممن يؤثر في المهجور حصول المنفعة، وربما كان فيه منفعة ومضرة فيُراعَى ما غلبَ منهما، وقد يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأوقات، وتختلف فيه الاجتهادات، وقد يُستغنى عن الهجرة بالتأليف. فالغرض النهيُ عن المنكر بأقرب الطرق، وتحصيلُ المعروف على أكمل الوجه. والله أعلم.

وأهل السنة والحديث يهجرون الداعية إلى البدع من الكلام أو الرأي أو العيادة، ولهذا كان أهل السنة قد تجنبوا فيها الرواية عن الدعاة إلى البدع عندهم من أهل الكلام كعمرو بن عبيد وغيره، ومن أهل الرأي كأهل الرأي من أهل الكوفة، وهو فعل أحمد بن حنبل معهم، وهذا تفصيله مذكور في غير هذا الموضع.


(١) هنا كلمة مبتورة. ولعلها "الهجر".