للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧]. وقد يحتج من يقف عند قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} كمجاهد وابن قتيبة، ويذكر رواية عن ابن عباس (١)، على ذلك بأنه سبحانه لم يقل هنا: "والمؤمنون والراسخون في العلم يقولون آمنا به" كما قال في تلك الآية: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} الآية. فلو لم يكن المقصود بالآية إلّا الخبر عنهم بأنهم قالوا: آمنا به، لأخبرَ بذلك عن جميع المؤمنين كما في نظائره، مثل قوله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: ٨٢]، وقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: ١٢٤ ــ ١٢٥].

وقد يُجيب الجمهور الذين يقفون عند قوله: {إِلَّا اللَّهُ} وقد نُقِل هذا المعنى عن أُبيّ وابن مسعود وابن عباس وعائشة (٢) والجمهور، بأن هذا الموضع كقوله في سورة الحج: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (٥/ ٢٢٠).
(٢) انظر تفسير الطبري (٥/ ٢١٨، ٢١٩).