للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن نفسه، وأمرَ الذين جاءوا ليقاتلوا عنه - كغلمانِه وأقاربِه والحسن ابن علي وعبد الله بن الزبير وغيرهم - أن لا يقاتلوا، وكان ذلك من مناقبه رضي الله عنه.

والقول الثاني: يجب الدفعُ عن نفسه، لأن قتلَه بغير حقٍّ محرَّمٌ، فلا يجوز له التمكين من محرَّمٍ.

وهذا إذا لم تكن فتنة، وأما إذا كانت فتنة بين المسلمين، مثل أن يقتتل رجلانِ أو طائفتان على مُلْكِ أو رئاسةِ أو على أهواء بينهم، كأهواءِ القبائل والموالي الذين ينتسب كل طائفة إلى رئيسٍ أعتقَهم، فيقاتِلون على رئاسةِ سيدهم، وأهواءِ أهل المدائن الذين يتعصَّبُ كل طائفة لأهلِ مدينتهم، وأهواء أهل المذاهب والطرائق كالفقهاء الذين يتعصَّب كل قومِ لحزبهم ويقتتلون، كما كانَ يَجري في بلادِ الأعاجم، ونحو ذلك، فهذا قتال الفتنة يُنهَى عنه هؤلاء وهؤلاء، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا التقى المسلمانِ بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار"، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه أرادَ قتلَ صاحبِه" (١).

وفي الصحيح (٢) أنه قال: "مَن قُتِل تحتَ رايةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبةٍ ويدعو لِعَصَبةِ فليس منا - أو قال: - هو في النار". وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ستكون فتنةٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ خيرٌ من


(١) أخرجه البخاري (٣١،٦٨٧٥) ومسلم (٢٨٨٨) عن أبي بكرة.
(٢) مسلم (١٨٤٨) عن أبي هريرة.