للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما أبو بكر فكان رجلاً بالغًا مُوْسرًا، فأعانه بنفسه وبماله، كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن أمنَّ الناسِ علينا في صحبته وذاتِ يده أبو بكر" (١)، وإن كانت نفقة أبي بكر في سبيل الله، لم تكن في مؤنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان مستغنيًا في نفقة نفسه عن أبي بكر وغيره، ولكن أعانه بالنفقة في سبيل الله، حيث اشترى سبعةً يعذَّبون في الله منهم بلال وغيره، وفعلَ غير ذلك.

والمقصود هنا أن الأعمال لا تُعمَل إلا لله، ولا يُطلب أجرُها إلا من الله، وإن وصل بها نفع عظيم إلى الأنبياء وغيرهم، فالله هو المعبود، والرسل دعوا إلى عبادة الله وطاعتهم، وبينوا أن الجزاء على الله لا عليهم، قال تعالى: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (٤٠)) (٢)، وقال تعالى: (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (٤٦)) (٣)، وقال: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)) إلى قوله (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦)) (٤). وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا دماءهم وأموالَهم إلاّ بحقها، وحسابُهم على الله" (٥).


(١) سبق تخريجه.
(٢) سورة الرعد: ٤٠.
(٣) سورة يونس: ٤٦.
(٤) سورة الغاشية: ٢١ - ٢٦.
(٥) البخاري (٢٩٤٦) ومسلم (٢١) عن أبي هريرة.