للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل فيه ضرر عليهما، فإنه قد ثبت أن عبد الله بن رواحة أُغميَ عليه، فجعلتْ أختُه تندُبُ عليه، فلما أَفَاق قال: ما قلتِ فيَّ شيء إلاّ قيل لي: أنتَ كذلك؟ أنتَ كذاك؟ (١).

وفي الصحيحين (٢) عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه تبرَّأ من الحالقة والصالقة والشاقة. فالحالقة التي تَحلِق شعرَها عند المصيبة، والصالقة التي تَرفع صوتَها بالمصيبة، والشاقةُ التي تشق ثيابَها عند المصيبة.

والأحاديث في ذلك كثيرة، حتى قال جرير بن عبد الله البجلي: كنا نَعُدُّ الاجتماعَ إلى أهل الميت وصُنْعَهم الطعام من النياحة، رواه أحمد (٣) أي إذا اجتمعَ الناس وصَنَع أهلُ الميت للناس وليمةً، فهذا من عمل الجاهلية، وإنما السنة أن يُصنَعَ لأهل الميتِ طعامٌ لاشتغالِهم بمصيبتهم، كما قالَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أتاه نَعِيُّ جعفر: "اصنعَوا لآلِ جعفر طعامًا، فقد أتاهم ما يَشْغَلهم" (٤).

وعملُ العرسِ للميت من أعظمِ البدع المنكرات، وكذلك الضرب بالدفوف في الجنائز على وجه النياحةَ منكرٌ باتفاق العلماء، لم يرخّصْ أحدٌ من أهل العلم في ضرب الدفوف في الجنائز والموت،


(١) سبق تخريجه.
(٢) البخاري (١٢٩٦) ومسلم (١٠٤) عن أبي موسى الأشعري.
(٣) ٢/ ٢٠٤. ورواه أيضًا ابن ماجه (١٦١٢)، وصححه النووي في المجموع (٥/ ٣٢٠).
(٤) أخرجه أحمد (١/ ٢٠٥) وأبو داود (٣١٣٢) والترمذي (٩٩٨) وابن ماجه (١٦١٠) عن عبد الله بن جعفر.