وقال آخرون: هذا ضعيف جدًّا، فإن حكيم بن حزام ما كان يبيع شيئًا معينًا هو ملكٌ لغيره، ثم ينطلق فيشتريه منه، ولا كان الذين يأتونه يقولون: نطلبُ عبدَ فلانٍ أو دارَ فلانٍ، وإنما الذي يفعله الناس أن يأتيه الطالب فيقول: أريد طعامًا كذا وكذا، أو ثوبًا كذا وكذا، وغير ذلك. فيقول: نعم أُعطِيك، فيبيعه منه، ثم يذهب فيحصِّله من عند غيرِه إذا لم يكن عنده. هذا هو الذي يفعله من يفعله من الناس، ولهذا قال:«يأتيني فيطلب مني البيعَ ليس عندي»، لم يقل: يطلب مني ما هو مملوكٌ لغيري. فالطالب طلب الجنس لم يطلب شيئًا معينًا، كما جرت عادة الطالب لما يؤكل ويُلبَس ويُركب، إنما يطلب جنس ذلك ليس له غرضٌ في ملك شخصٍ بعينه، دون ما سواه مما هو مثله أو خيرٌ منه.
ولهذا صار أحمد بن حنبل وطائفة إلى القول الثاني، فقالوا: الحديث على عمومه يقتضي النهي عن بيع ما في الذمة إذا لم يكن عنده، وهو يتناول النهي عن السلم إذا لم يكن عنده، لكن جاءت الأحاديث في جواز السَّلَم المؤجل، فبقي هذا في السَّلَم الحال.
والقول الثالث ــ وهو أظهر الأقوال ــ: إن الحديث لم يرد به النهي عن السَّلَم المؤجل ولا الحال مطلقًا، وإنما أريد به أن يبيع في الذمة ما ليس هو مملوكًا له ولا يَقدِر على تسليمه، ويَربح فيه قبلَ أن يملكه ويقدر على تسليمه وتضمنه. فهو نهيٌ عن السَّلَم الحال إذا لم يكن عند المستسلف ما باعه، فيلزم ذمته بشيء حال ويربح فيه، وليس هو قادرًا على إعطائه. وإذا ذهب يشتريه قد يحصل وقد لا يحصل، فهو من نوع