الغرور والمخاطرة، وهو إذا كان السلم حالًّا وجبَ تسليمه عليه في الحال، وليس هو بقادرٍ على ذلك، ويربح فيه على أن يملكه فيضمنه. وربما أحاله على الذي ابتاع منه، فلا يكون قد عمل شيئًا، بل أكلَ المال بالباطل. وعلى هذا فالسَّلَم الحال إذا كان المسلم إليه قادرًا على الإعطاء هو جائز، وهو كما قال الشافعي: إذا جاز المؤجل فالحال أولى بالجواز.
ومما يبيِّن أن هذا مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن السائل إنما سأله عن بيع شيء مطلق في الذمة كما تقدم، لكن إذا لم يُجوَّزْ بيع ذلك فبيعُ المعيّن الذي لم يملكه أولى بالمنع. وإذا كان إنما سأله عن بيع شيء في الذمة، وإنما سأله عن بيعه حالًا، فإنه قال: أبيعه ثم أذهب فأبتاعه، فقال له:«لا تبع ما ليس عندك»، فلو كان السَّلف الحال لا يجوز مطلقًا لقال ابتداءً:«لا تبع هذا» سواء كان عنده أو ليس عنده، فإن صاحب هذا القول يقول: بيعُ ما في الذمة حالًّا لا يجوز ولو كان عنده ما يُسلمه، بل إذا كان عنده فإنه لا يبيع إلا معينًا، لا يبيع شيئًا في الذمة. فلما لم ينهه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك مطلقًا، بل قال:«لا تبع ما ليس عندك» = عُلِمَ أنه فرَّق بين ما هو عنده ويملكه ويقدر على تسليمه، وما ليس كذلك، وإن كان كلاهما في الذمة.
ومن تدبَّر هذا تبيَّن له أن القول الثالث هو الصواب.
وإذا قيل: المؤخر جائز للضرورة، وهو بيع المفاليس، لأن البائع