للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

قول من يقول: «إن لله عبادًا يَرضى لرضاهم ويغضبُ لغضبهم» حقٌّ، لكن هذا لا يستمرُّ في جميع أنواع رضاهم وغضبهم، فإن ذلك إنما يكون لمن لا ذنبَ له أصلاً، لكن قد يكون في غالب رضاهم وغضبهم. وذلك لأن من كان رضاه وغضبه موافقًا لرضَى الله وغضبه فإن الله يَرضَى لرضاه ويغضب لغضبِه، وهذا يقع من الطرفين، تارةً يَرضَون لرِضى الله ويغضبون لغضبه، وتارةً يَرضى الله لرضاهم ويغضب لغضبهم.

ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه (٢) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يَروي عن ربه قال: «من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرَّب إليَّ عبدي بمثلِ أداءِ ما افترضتُ عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبّه، فإذا أحببتُه كنتُ سَمْعَه الذي يَسمع به، وبَصَرَه الذي يبصر به، ويدَه التي يَبطِشُ بها، ورِجْلَه التي يمشي بها، ولئن سألني لأُعطِينَّه، ولئن استعاذني لأُعِيذَنَّه، وما تردَّدتُ عن شيء أنا فاعلُه تردُّدي عن قبضِ نفسِ عبدي المؤمن، يكرهُ الموتَ وأكرهُ مساءتَه، ولابدَّ له منه».

فقد أخبر أنه من عادى وليَّه فقد بارزه بالمحاربة، وفي المعاداة


(١) انظر في معنى هذا الفصل: مجموع الفتاوى (١١/ ٥١٥ ــ ٥١٧، ١٠/ ٥٨ ــ ٥٩).
(٢) برقم (٦٥٠٢).