للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقوى منها (١)، فإن لم يُبّين الفرقُ بين النقدينِ وغيرهما وإلاّ كان انتقاضُها مُبطِلاً لها.

فانتقاضُ العلّةِ يوجبُ بُطلانَها قطعاً إذا لم تَختصَّ صورةُ النقضِ بفرقٍ معنويّ قطعاً، فإن الشارعَ حكيم عادل لا يُفرّقُ بينَ المتماثلين، فلا تكون الصورتَان متماثِلتينِ، ثمَّ يُخالِفُ بين حُكْمَيْهما، بل اختلافُ الحكمينِ دليلٌ على اختلاف الصورتينِ في نفس الأمر. فإن عُلِم أنه فرَّقَ بينهما كان ذلك دليلاً على افتراقهما في نفس الأمر، وإن لم يُعلَم بمجيء الفرقِ. وإن عُلِمَ أنه سَوى بينهما كان ذلك دليلاً على استوائهما. وإن لم يُعلَم هذا ولا هذا لم يَجُز أن يُجمَع ويُسوَّى إلاّ بدليلٍ يقتضي ذلك (٢).

وهذا معنى قول إياس بن معاوية: "قِسْ للقَضَاءِ ما استقامَ


(١) قال المؤلف في مجموع الفتاوى ٢٩/ ٤٧١: الأظهر أن العلة في ذلك هو الثمنية لا الوزن كما قاله جمهور العلماء، ومما يدل على ذلك اتفاق العلماء على جواز إسلام النقدين في الموزونات، وهذا بيع موزون بموزون إلى أجل. فلو كانت العلة الوزن لم يجز هذا.
والمنازع يقولْ جواز هذا استحسان. وهو نقيض للعلة. ويقولْ إنه جوز هذا للحاجة مع أن القياس تحريمه. وتخصيص العلة الذي قد سمي استحساناً إن لم يبين دليل شرعي يوجب تعليق الحكم للعلة المذكورة، واختصاص صورة التخصيص بمعنًى يمنع ثبوت الحكم من جهة الشرع والأحاديث، وإلاّ كانت العلة فاسدة.
(٢) انظر كلام المؤلف في معنى القياس الصحيح والقياس الفاسد مع ذكر الأمثلة لهما في: مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٨٥ - ٢٨٨.