للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-فيما علمتُ- إلا فيمن لم يُنفَخْ فيه الروحُ: هل يُبعَث؟ على قولين. وبَعْثُه اختيارُ القاضي وكثير من الفقهاء، وذكر أنه ظاهر كلام أحمد رضي الله عنه.

وأما البهائم فهي مبعوثةٌ بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)) (١)، وقال تعالى: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (٢)، والحديثُ في قول الكافر (يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (٤٠)) (٣) معروف (٤). وما أعلمُ فيه خلافًا.

لكن اختلف بنو آدم في مَعَاد الآدميين على أربعة أقوال:

أحدها -وهو قولُ جماهير من المسلمين أهل السنة والجماعة، وجماهير متكلميهم، وجماهير اليهود والنصارى والمجوس وجمهور غيرهم- أن المعاد للروح والبدن، وأنهما يُنَعَّمان ويُعذَّبان.

والثاني -وهو قول طائفة من متكلمي المسلمين من الأشعرية وغيرهم- أن المعاد للبدن، وأن الروح لا معنى لها إلا حياة البدن، فيحيا البدن ويُنعَّم ويُعذَّب. وأما معادُ روع قائمةٍ بنفسِها ونعيمها وعذابها فينكرونه.

والثالث: ضدّ هذا، وهو قول الإلهيين من الفلاسفة وطائفة ممن يُبطِن مذهبهم من بعض متكلمي أهل القبلة ومتصوفتهم، أنّ المعاد للروح دون البدن.


(١) سورة الأنعام: ٣٨.
(٢) سورة التكوير: ٥.
(٣) سورة النبأ: ٤٠.
(٤) انظر تفسير الطبري (٣٠/ ١٧ - ١٨).