للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالسنةُ أن لا يَشهَدَ جنازتَها إلا الرجالُ لا يحضر النساء، فحينئذٍ فيَدفِنُها رجلٌ من أهل الخير، كما ثبتَ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أبا طلحة أن يَنزِلَ في قبر ابنته (١). وهذا وإن كان فيه مسُّ المرأة فوقَ الكفنِ فهو جائز لأجل الحاجة، لأن خروج النساء مع الجنائز منهيٌّ عنه.

وأما إن قُدِّرَ أن المرأةَ تُدفَن في موضع فيه النساءُ، فإلحادُ المرأةِ لها أولى من إلحادِ الرجل إذا لم يكن في ذلك مفسدة.

والرجلُ يُلْحِده الرجالُ إلاّ إذا احتِيْجَ إلى إلحادِ النساء له، فإن ذلك جائز، وإلحادُ النساءِ الرجالَ أخفُّ من تغسيلهن له، وفي جواز تغسيلِ ذواتِ محارمِه له وتغسيلِ الرجلِ لذواتِ محارمِه نزاعٌ مشهور بين العلماء، وفي إلحاد الرجلِ للمرأة أيضًا نزاعٌ، لكن الذي ذكرناه صحَّتْ به السنة.

ويجوز أن يَحُجَّ الرجلُ عن المرأة باتفاق العلماء، وكذلك يجوز للمرأة عن الرجل عند الأئمة الأربعة، وخالفهم بعضُ الفقهاء لأن حجَّها أنقصُ، وليس بشيء، فإنه قد ثبتَ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرَ امرأةً أن تَحُجَّ عن أبيها (٢)، وليس لأحدٍ مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قولٌ.

ويُحَجُّ عن المُعتَقةِ كما يُحجُّ عن الحرَّةِ الأصل، فإن كان الحج وجبَ عليهما في حياتهما وجبَ أن يُخرَج عنهما من رأسِ المال في


(١) أخرجه البخاري (١٢٨٥،١٣٤٢) عن أنس.
(٢) أخرجه البخاري (١٥١٣ ومواضع أخرى) ومسلم (١٣٣٤) عن عبد الله بن عباس. وفي بعض الروايات عندهما عن عبد الله بن عباس عن الفضل بن عباس.