للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيعة مثلاً، ثم إن النفاق قوي فيهم، حتى جحدوا ما كانوا أقروا به أولاً، وصاروا يقولون: لا نقول حي ولا ميت، ولا عالم ولا جاهل، ولا سميع ولا أصمّ، ولا بصير ولا أعمى، ولا يتكلم ولا ساكت، ونحو ذلك، فيمتنعون أن يصفوا الله تعالى بالصفات الثبوتية أو السلبية. فهذا في الحقيقة ترك الإيمان الواجب، وإن كانوا قد تركوا أيضًا الكفر الوَجودي، فإن عدم الإيمان كفر، وبذلك يزول الهدى والنور الذي حصل لهم، وكذلك إذا قالوا: هو موجود، لكن ليس بعالم ولا قادر ولا حي، وكذلك إذا قالوا: لا داخلَ العالم ولا خارجَه.

ولا ريب أن في هؤلاء طوائفَ فيهم إقرار وإنكار، وعلم وجهل، فهؤلاء لهم المثل الثاني. [والله] سبحانه وتعالى أعلم.

فصل

ثم إنه سبحانه ذكر هذين المثلين للمنافقين، أحدهما: المستوقد للنار. والثاني: الصيّب، هذا بالنار، وهذا بالماء، وهذا التمثيل نظير التمثيل بهما في سورة الرعد، بقوله تعالى: (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ) (١)، فإنه ذكر أيضًا ما يعمله الماء والنار، وأن النار فيها إضاءة ونور وإشراق مع الحرارة، والماء هو مادة الحياة مع الرطوبة والحياة، والنور جماع الهدى، كما قال تعالى: (أوَ مَن كاَنَ مَيْتًا


(١) سورة الرعد: ١٧.