للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثبتَ في الصحيحين (١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "يقولُ الله: أنا عندَ ظنِّ عبدِي بي، وأنا معَه إذا دعاني، فإن ذكرَني في نفسِه ذكرتُه في نفسِي، وإن ذكرَني في مَلأٍ ذكرتُه في مَلأٍ خير منه". وفي صحيح مسلم (٢) عن جابر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "لا يَموتَن أحدُكم إلاّ وهو حَسَنُ الظنِّ بالله".

وبالجملة فهذا أصل متفقٌ عليه بين أئمةِ الدين أنَّ العبادات مَبْنَاها على توقيفِ الرسولِ وطاعةِ أمرِه والاقتداءِ به، فلا يكون شيءٌ عبادة إلاّ أن يَشرعَه الرسولُ، فيكون واجبًا أو مستحبًّا، وما ليسَ بواجب ولا مستحبٍّ فليسَ بعبادةٍ باتفاقِ المسلمين. ومن اعتقدَ مثلَ ذلك عبادةً كان جاهلاً، وإن ظَنَّ أنّ ذلك تعظيمٌ لمن يَجِبُ تعظيمُه، فإن التعظيم المشروع لا يكون إلاّ واجبًا أو مستحبًّا.

ومَن نُهِيَ عن اتخاذ الأحبارِ والرُّهبانِ أربابًا من دونِ الله والمسيح ابن مريم، وعن اتخاذ الملائكةِ والنبيين أربَابًا، وعن الغُلُوِّ في الأنبياء والصالحين، فزَعمَ أنَّ هذا تنقُّصٌ واستخفافٌ بالأنبياء والصالحين والملائكة، فهو من جنس النصارى وأشباهِهم من المشركين وأهلِ البدع، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ


(١) البخاري (٧٤٠٥) ومسلم (٢٦٧٥) عن أبي هريرة.
(٢) برقم (٢٨٧٧).