للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما يعلم بالوصف تأويل القرآن المذكور في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ}، ألا ترى أن كيفية الحدث المدركة بالعيان لم تكن معلومة بمجرد الخبر، فإن المُخْبَر ليس ..... (١).

والتأويل في خبر ابن عباس المراد به تأويل الأمر والنهي، كما قال ابن عباس: السنة تأويل الأمر والنهي. فإن الخطاب نوعان: إخبار وإنشاء، فالإنشاء كالأمر والنهي والتحليل والتحريم يعلم العلماء تأويله وتفسيره، إذ لابد من فعل المأمور به وترك المنهي عنه، وذلك لا يكون إلّا بعد علمه، بل لابدّ من علم المأمور به مفصَّلاً.

ومن هذا قول عائشة: كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم وبحمدك" يتأول القرآن (٢). فقد يقال: اللام في التأويل للتأويل المعهود، وهو تأويل الأمر، وعلى هذا أيضًا قد يحمل قول جابر في حديث صفة الحج الذي في مسلم (٣)، قال: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عملَ به من شيء عَمِلْنا به، فأهلَّ بالتوحيد: "لبَّيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك له"، وأهلَّ الناس بهذا الذي يُهِلُّون به، فلم يَرُدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم شيئًا منه، ولَزِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تلبيته.


(١) هنا كلمة مطموسة. ولعلها "كالمعاين"، كما في مجموع الفتاوى (١٦/ ٥١٨) في سياق آخر.
(٢) أخرجه البخاري (٨١٧) ومسلم (٤٨٤).
(٣) رقم (١٢١٨).