للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك وغيره على ما هو مقرر في موضع آخر.

ثم ذم الذين يعرضون عن سماعه (١).

وقال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} إلى قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: ٦٣ - ٧٣]. وقد روي في ذلك آثار تنصُّ أن الغناء من ذلك (٢)، وكذلك الأقوال المزخرفة، كقوله: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١٢]. فنزَّه عباد الرحمن عن حال السماعية والكلامية المبطلين، ثم قال: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: ٧٣]، فوصفهم بالبصر والسمع، ليسوا صُمًّا كالمعرضين عن سماع الآيات، ولا عُمْيًا كالمعرضين عن البصر فيها. فإن أهل السمع والإصغاء الذين لا يسمعون كلام الله ويُصغون إليه وينتفعون به وإن كانوا مُصغِين إلى سماع شيء آخر، وأهل النظر والذكاء الذين لا ينظرون في كلام الله ويبصرونه وينتفعون به= أهل عمًى وإن كان لهم نظر وبصرٌ في كلام آخر.

فتدبَّر كيف وصفهم بالإقبال على كلام الله سمعًا وبصرًا، والإعراض عن الزور واللغو سمعًا وقولًا، فمن وافقهم في النعتين فهو


(١) بعده بياض قدر سطرين.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٧/ ٥٢٢) والدر المنثور (١١/ ٢٢٧).