للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتخصيص العلَّة التي ظهر فيها الفرقُ، والمنعُ من شهادتهم على المسلمين ثبتَ بالنصِّ، والإذنُ فيها هنا ثبتَ بالنصِّ أيضًا للحاجة. وهل يُعدَّى هذا إلى جميع مواضع الحاجة؟ فيه عن أحمد روايتان (١)، بناءً على أنّ العلَّة معلومةٌ، وهي موجودة/في غير هذا الموضع. هذا وجهُ القولِ بالجواز.

وأمَّا وجهُ المنع فإمّا أن نقولَ: لم نَعلم العلةَ وإنّها مشتركة، أو علمنا اختصاصَها بهذه الصورة للضرورة العامَّة فيها. هذا إذا ثبتَ عمومُ المنع في غير هذه الصورة، إمّا لفظاً وإمّا معنًى. وألفاظ القرآن لا عمومَ فيها بالمنع، وكذلك السنّةُ ليس فيها لفظ عامّ بالمنع. لم يَبْقَ إلاّ القياس، وتلك المواضع أُمِرَ فيها بإشهاد المسلمين، ومعلومٌ أن ذلك إنما هو عند القدرة على إشهادهما، وهذا واجب في الوصية في السفر. وأمّا إذا تعذَّر إشهادُهما على الذَين في السفر أو على الرجعة فليس في القرآن ما يدل على المنع من ذلك. وإذا لم يكن في الكتاب والسنّة منعٌ من إشهاد أهل الذمّة عند تعذُّرِ إشهاد المسلمين، لم يكن هنا قياسٌ يخالف هذه الآية، وقد عمل بها


= أبداً ولا ممن تُرضَى شهادته. وقال الشافعي وأصحابه: الآية محكمة ولكنها في أهل الإسلام جميعا، ولاحظّ لأهل الذمة فيها. انظر تفصيل القول في ذلك في: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ١٥٥ وما بعدها، والأمّ ٦/ ١٢٧، ١٢٨ وأحكام القرآن للشافعي ٢/ ١٤٥، ١٤٦ والناسخ والمنسوخ للنحاس ١٣٣ وتفسير القرطبي ٦/ ٣٤٦ وفتح الباري ٥/ ٤١٢. وانظر كلام المؤلف في مجموع الفتاوى ١٥/ ٢٩٩.
(١) انظر: المغني ٩/ ١٨٣، ١٨٤.