للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في غير هذا الموضع (١) أن الأحكام كلَّها بلفظ الشارع ومعناه، فألفاظُه تناولتْ جميعَ الأحكام، والأحكام كلّها معلَّلةٌ بالمعاني المؤثرة، فمعانِيْه أيضًا متناولة لجميع الأحكام. لكن قد يفهمُ المعنى من لِم يَعرفِ اللفظَ العامّ، وقد يَعرِف اللفظ العائمَ ودلالتَه مَن لم يَفهم العلّةَ العامةَ. وكثيراً ما يَغلَطُ من يظنّه قال لفظاً ولم يقله، أو يجعله عاما أو خاصا ويكون مراد الشارع خلاف ذلك، كما يَغْلَط من ينفي لفظاً قاله، وكما يَغْلَطُ من يظنّه اعتبر معنًى لم يعتبره، أو ألغَى معنًى وقد اعتبره، ونحو ذلك.

ولنأتينَ بما يذكر العلماء أنه استحسانٌ على خلاف القياس:

فمن ذلك ما يقوله أحمد في إحدى الروايتين عنه إذا اعتبر الاستحسان، فإنه قد ذكر عنه روايتين (٢) كما تقدم، والقول الثالث وهو الذي يدكُ عليه أكثر نصوصه أن الاستحسان المخالف للقياس


(١) انظر "قاعدة في شمول النصوص للأحكام "، ومجموع الفتاوى ١٩/ ٢٨٠ وما بعدها، فقد ذكر أن الصواب الذي عليه جمهور أئمة المسلمين أن النصوص وافية بجمهور أحكام أفعال العباد، ومن أنكر ذلك لم يفهم معاني النصوص العامة التي هي أقوال الله ورسوله وشمولها لأحكام أفعال العباد. ثم مثل بلفظ "الخمر" و"الميسر" و"الربا" و"الأيمان" وغيرها، فقال عن الخمر إنها تناولت كل مسكر، فصار تحريم كل مسكر بالنص العام والكلمة الجامعة لا بالقياس وحده، وإن كان القياس دليلَا آخر يوافق النص. ومن كان متبحّرا في الأدلة الشرعية أمكنه أن يستدل على غالب الأحكام بالنصوص وبالأقيسة.
(٢) كذا في الأصل منصوباً.