للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

* وأما من سأل عمن اعتقد الإيمان بقلبه ولم يقر بلسانه، هل يصير مؤمنًا؟

الجواب: أما مع القدرة على الإقرار باللسان، فإنه لا يكون مؤمنًا لا باطنًا [ق ٥٤] ولا ظاهرًا عند السلف والأئمة وعامة طوائف القبلة، إلا جهمًا ومن قال بقوله، كالصالحي (١) وطائفة من المتأخرين كأبي الحسن وأتباعه، وبعض متأخر [ي أصحاب] (٢) أبي حنيفة: زعموا أن الإيمان مجرَّد تصديق القلب، وأن قول اللسان إنما يعتبر في أحكام الدنيا والآخرة، فيجوِّزون أن يكون الرجل مؤمنًا بقلبه وهو يسبّ الأنبياء والقرآن، ويتكلم بالشرك والكفر من غير إكراه ولا تأويل. وهذا القول قد كَفَّر قائلَه غيرُ واحدٍ من الأئمة، كوكيع بن الجرَّاح وأحمد بن حنبل وغيرهما.

وألزم المسلمون قائلَ هذا القول أن يكون إبليس مؤمنًا، وفرعون


(١) نقله المصنف أيضًا في «الرد على الشاذلي» (ص ١٩٨ - بتحقيقي)، وفي «درء التعارض»: (٣/ ٢٧٥)، و «الفتاوى- الإيمان الأوسط»: (٧/ ٥٠٩). والصالحي لعله: صالح بن عمر الصالحي المرجئ، وتنسب له فرقة الصالحية، كما ذكر الشهرستاني في «الملل والنحل»: (١/ ١٤٢)، و نقل عنه أبو الحسن الأشعري كثيرًا من أقواله في «مقالات الإسلاميين». وانظر «الوافي بالوفيات»: (١٦/ ٢٦٧).
(٢) ما بين المعكوفين زيادة يستقيم بها السياق، وليست في الأصل.