للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنام وأمرَه أن يُبشِّر الأعرابيَّ (١) = فهذه الحكاية ونحوها مما يُذكرَ في قبرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبرِ غيرِه من الصالحين، فيقع مثلُها لمن في إيمانِه ضعفٌ، وهو جاهل بقدرِ الرسول وبما أمرَ به، فإن لم يُسعَفْ مثلُ هذا بحاجتِه، وإلا اضطربَ إيمانُه وعَظُمَ نفاقُه، فيكون في ذلك بمنزلة المؤلَّفةِ قلوبُهم بالعطاءِ في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قال: «إني لأَتألَّفُ رجالًا لما في قلوبهم من الهلَع والجزع، وأَكِلُ رجالًا إلى ما جعلَ الله في قلوبهم من الغنى والخير» (٢). مع أنّ أخذَ ذلك المال مكروهٌ لهم، فهذا أيضًا مثل هذه الحاجات.

وإنما المشروع الذي وردتْ به سنتُه فهو دعاء المسلم ربَّه متوسِّلًا به [في حياته]، لا دعاؤه في مماته ومغيبه أن يفعلَ، ولا دعاؤه في مماتِه ومغيبه أن يَسأل، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (٣) وصححه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّم رجلًا أن يقول: «اللهمَّ إني أسألك وأتوسلُ إليك بنبيك محمدٍ نبيِّ الرحمة، يا محمد! يا نبيَّ الله! إنّي أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليَقْضِيَها لي، اللهمَّ فشفِّعْه فيَّ».


(١) انظر: المغني (٥/ ٤٦٥، ٤٦٦) والمجموع للنووي (٨/ ٢١٧) وغيرهما. وذكرها ابن كثير في تفسيره (٢/ ٩٦٠) ولم يستحسنها، وبيَّن بطلانَها ابن عبد الهادي في الصارم المنكي (ص ٢١٢).
(٢) أخرجه البخاري (٩٢٣، ٣١٤٥، ٧٥٣٥) عن عمرو بن تغلب.
(٣) برقم (٣٥٧٨). وأخرجه أيضًا أحمد (٤/ ١٣٨) والنسائي في الكبرى (١٠٤٩٥) وابن ماجه (١٣٨٥)، وصححه ابن خزيمة (١٢١٩) والحاكم (١/ ٣١٣، ٥١٩). وانظر: التوسل للألباني (ص ٦٩).