وقد بسطنا القول في هذا في غير هذا الموضع، والمقصود هنا أن الله أمر بالتعاون على هذا، ونهى عن التعاون على هذا. فالإنسان فيما أُمِر به ونُهي عنه لا يخلو من أربعة أقسام:
* إما أن يفعل المأمور والمحظور جميعًا، فيعين على هذا وهذا، كمن يعاون الذين يفعلون الظلم والفجور على هذا وعلى هذا، ويدخل في ذلك أعوان الظَّلَمة [١١٨] من الأئمة والأمة إذا أعانوهم على البر وعلى الإثم.
* وإما أن يترك المأمور والمحظور جميعًا، فلا يعين على برٍّ ولا على إثم، كحال كثير ممن يتخلّى عن الناس إما كسلاً وإما بخلاً وإما زهدًا وورعًا فاسدًا، وإما لغير ذلك.
* وإما أن يعين على الإثم والعدوان دون البر والتقوى؛ كحال من يعين الظالمين والفاسقين على ظلمهم وفسقهم، ولا يعين على البر.
* وإما أن يعين على البر والتقوى ولا يعين على الإثم والعدوان. فهذا هو المؤمن التقي الذي أطاع الله ورسوله.
وهذا حالُ الناس في كل جنسٍ أمَرَ الله بأحد نوعيه (١) وحرَّم الآخر، بل حكمهم في أمر الله ونهيه؛ فمنهم من يأتي بالمأمور والمحظور،