للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السبع وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلةٍ في يد أحدكم (١). وقد قال تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: ٢٥٥] أي: لا يُثْقِله ولا يُكْرِثُه (٢).

فإذا كان الكرسيُّ قد وَسِع السموات والأرض ــ وقد جاء في الحديث: أن الكرسي في العرش كحَلْقةٍ ملقاةٍ بأرض فلاة، والله فوق العرش (٣) ــ فكيف تحويه السموات وتحصره وتحوزه!؟

وقد قال تعالى: {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [آل عمران: ١٣٧] وقال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١] وقال: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: ٢٦] ومع هذا فهؤلاء ليسوا في جوف الأرض ولا جوف الجذوع، بل هم عليها وفوقها.

ولفظ "السماء" يراد به العلوّ مطلقًا، ويراد به الأجسام المخلوقة، والله تعالى فوق المخلوقات. فقول المسلمين (٤): "إن الله في السماء"، أي في العلوّ فوق العرش، ليس معناه أن المخلوقات تحوزه وتحيط به، بل هو العليُّ الأعلى، وهو العليّ العظيم، وهو أعظم من كل شيء، وأكبر


(١) أخرجه ابن جرير: (٢٠/ ٢٤٦).
(٢) تحرفت في (ب): "يُكرهه" وينظر "تفسير الطبري": (٤/ ٥٤٣) فقد أخرج نحوه عن مجاهد. و"الفتاوى": (٢/ ١٨٧، ٣/ ٣٦).
(٣) أخرجه ابن حبان (٣٦١) من حديث أبي ذر رضي الله عنه في حديث طويل.
(٤) (ب): "يقول المسلمون" تصحيف.