للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على هذه المصائب؛ لأنها حصلت بسبب جهاده، فهي مما تولَّد عن عمله، وما يتولَّد عن عمله الصالح أثيبَ عليه، بخلاف المصائب التي لم تتولَّد عن عمله (١).

قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: ١٢١]، فأخبر تعالى أنه يُكْتَبُ لهم عملٌ صالحٌ بما يصيبُهم من الظمأ والجوع والتعب الذي يحصُل بسبب الجهاد في سبيل الله عزَّ وجل.

وأما الجوع والعطش والتعب الذي يحصُل بدون ذلك، فلا يثابُ إلا على الصبر عليه؛ فإنه ليس من عمله، ولا تولَّد عن عملٍ صالح، لكن هو من المصائب التي يكفِّر الله بها خطاياه (٢).

وهذا هو الفرق بين المصائب التي يثابُ عليها، والمصائب التي لا يثابُ


(١) انظر: "درء التعارض" (٩/ ٣١)، و"الرد على البكري" (٤٣٢)، و"مجموع الفتاوى" (٨/ ٥٢٢، ١٠/ ١٢٣، ٧٢٣)، و"جامع المسائل" (٤/ ٢٦٧، ٧/ ٤٤، ٨/ ٦٢).
(٢) في "تسلية أهل المصائب" للمنبجي (١٧٤) هنا زيادة: "وأما المصيبة بالولد، فالولدُ تولَّد عن جِمَاعه الذي صان نفسَه به عن الزنا، وقَصَد به النَّسلَ وتكثيرَ الأمَّة، وغضَّ البصر عن المحارم، فإذا حصل له ذلك ثم مات الولدُ فقد أثيبَ عليه من جهة، وكفَّر الله به خطاياه من جهة؛ لأنه تولَّد عن عمله. وأما الأمراض والأسقام فهي تكفِّر الخطايا". والمنبجي ينقل عن هذه القاعدة، كما سلف، ولم أثبتها في المتن احتياطًا؛ لاحتمال أن تكون مدرجة من كلام المنبجي.