للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها، فإن بعض الناس يظنُّ أنه يثابُ على كلِّ مصيبة، ومن (١) العلماء من يطلقُ القولَ بأن المصائب لا يثابُ عليها، وإنما يثابُ على الصبر عليها؛ لأن الثواب إنما يكون على فعل العبد، لا على فعل الله فيه (٢)، وهكذا رُوِي حديثُ أبي عبيدة بن الجرَّاح لما عَادُوه، وقالوا: له أجرٌ، فقال: "ليس لي من الأجر مثل هذه، ولكن المرض حِطَّةٌ يَحُطُّ الله به الخطايا" (٣).

وفصل الخطاب أن المصائب إن تولَّدت عن عملٍ صالح، كما تتولَّد عن الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا يثابُ عليه؛ فإن


(١) الأصل: "فان من". والمثبت من "تسلية أهل المصائب" (١٧٤) أقوم.
(٢) ممن أطلق ذلك العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (١/ ١٨٩).
(٣) أخرجه أحمد (١٦٩٠)، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (٣/ ٣١٧)، وجوَّد إسناده الحافظ في "الفتح" (١٠/ ١٠٩) أنهم دخلوا على أبي عبيدة يعودونه من شكوى أصابته، وامرأته عند رأسه، فقالوا: كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: والله لقد بات بأجرٍ، فقال أبو عبيدة: ما بتُّ بأجرٍ، ... سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ... ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطَّة".
واستوفى طرقه وألفاظه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٧/ ٢٥٨ - ٢٦٣).

وأورد ابن تيمية الحديث في "مجموع الفتاوى" (٣٠/ ٣٦٣) كما وقع هنا، كله من قول أبي عبيدة، وروي كذلك من وجهٍ لعله أصح، وأشار إليه النسائي في "السنن"، وانظر: "السلسلة الضعيفة" (١٣/ ٩٨٢، ٩٨٤).
وقد قال علي بن المديني فيما نقله ابن عساكر (٤٧/ ٢٦٣): "هذا حديثٌ إسناده شامي، وبعضه مصري، وليس هو بالإسناد المعروف".
وروي هذا المعنى عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - موقوفًا، أخرجه ابن أبي شيبة (١٠٨٢١)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٥/ ٤٦٤)، وصححه الإمام أحمد في "مسائل ابن هانئ" (٢/ ٢٣٧).