للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي حصلت من أهل السُّنَّة إليهم.

وفُرِّقوا في البلاد بين أهل السُّنَّة والجماعة، بحيث لا يكون لأهل البدعة اجتماعٌ على خلاف الطاعة، وخُرِّبَت وحُرِّقَت مساكنُهم والديار، وقُطِّعَت زروعُهم والأشجار، من العنب الكثير، والتُّوت الغزير، والجَوز واللَّوز، وغير ذلك، وكان ذلك بإذن الله من أبلغ المسالك؛ آيَسَهم من سُكنى الجبال، وأوجبَ استئمانَ من كان تخلَّف منهم راجيًا لحسن الحال (١)، وأخزى الله بذلك الفاسقين، وقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.

واتُّبِعَ في ذلك ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببني النَّضِير؛ إذ كان بين هؤلاء وبينهم شبهٌ كثير، حيث يقول الله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: ٥]، ولهذا ذكر الله في هذه السُّورة ما يبيِّنُ ما هم به (٢) من المارقين.

وقد ثبت في الصِّحاح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَطَع نخلَ بني النضير، وحَرَّق (٣).

وفي ذلك يقول حسانُ بن ثابت (٤):

وهان على سَرَاةِ بني لُؤيٍّ ... حَرِيقٌ بالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

وسُطِّر هذا الكتابُ ليلة الاثنين، سَلْخَ المحرَّم وغرَّة صفر، وعامَّةُ بلدهم


(١) انظر: "العقود الدرية" (٢٤٤).
(٢) كذا في الأصل. أي: ما كانوا بسببه.
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٢٦)، ومسلم (١٧٤٦)، وأحمد (٤٥٣٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٤) البيت في مصادر رواية الحديث السابق، وفي ديوان حسان - رضي الله عنه - (١/ ٢١٠).