للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولى، ومن لم يعَرِفْ أعيانَ المنافِقين جَوَّزَ على مَن ظاهرُه الإسلام أن يكون مؤمنًا، وإذا لم يُعْلَم فُجورُه جاز أن يكون تقيًّا، وكلُّ مؤمنٍ تقيٍّ وليٌّ لله.

وقالوا لعمر بن الخطاب: من يُعطَى المغازي؟ قيل: فلان وفلان وآخرون لا يعرفهم أميرُ المؤمنين، فقال: إن لا يكن عمر يعرِفهم فإن الله يعرفُهم، وقد قال تعالى: (وما يعلم جنود ربك إلا هو) (١).

وقد ثبت في الصحيح (٢) أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعرِف أمته يومَ القيامةِ بسِيماهُم، فإنّهم يكونون غُرًّا مُحَجَّلِيْنَ من آثارِ الوَضوءِ.

وأيضًا فأولياء الله إذا كان لهم نُقَباءُ كان النُقَباءُ أخبرَ بهم ممن يَرفعونَ أخبارَهم إليه، ومعلومٌ أن الذين يَرفَعونَ أخبارَهم إليه سواء كان نبيًّا أو غير نبيّ، هو أعلى مرتبةً من النُّقَباء، فيكون المفضولُ أعلمَ بأولياءِ اللهِ من الفاضل، وهذا ممتنعٌ. بخلاف النُّقَباء الذين جاء بهم الكتاب والسنة، فإنهم يرفعون أخبارَهم الظاهرة التي يَشهَدُ بها الشُّهودُ ويَحكُم بها الحُكَّام، وإن كان قد يكون في ذلك ما يُستدَلُّ به على الإيمان والتقوى، لكنّ الدليل لا ينعكس، فلا يلزم من عدمِ الدليلِ المعيَّنِ عدمُ المدلول عليه، فلا يُشْهَد على شخصٍ معين أنه ليس من أولياء الله إلاّ بعليم يقتضي ذلك. والنقباء لا


(١) سورة المدثر: ٣١.
(٢) البخاري (١٣٦) ومسلم (٢٤٦) من حديث أبي هريرة.