للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الصحيحين (١) أيضًا عن عديّ قال: قال لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أرسلتَ كلبَك فاذكُر اسمَ الله عليه، فإن أمسكَ عليك فأدركتَه حيًّا فاذبَحْه، وإن أدركتَه قد قتلَ ولم يأكل منه فكُلْ، فإن وجدتَ مع كلبك كلبًا غيرَه وقد قتل فلا تأكلْه، فإنك لا تَدري أيّهما قَتَلَه. وإن رميتَ بسَهْمِك فاذكر اسمَ الله، فإن غابَ عنك يومًا فلم تَجدْ فيه إلا أثرَ سَهْمك فكُلْ إن شِئتَ، وإن وجدتَه غريقًا في الماء فلا تأكُلْه".

وفي لفظ البخاري (٢): قلت: يا رسولَ الله، أُرسلُ كلبي وأُسمِّي، فأجدُ معه على الصيد كلبًا آخر لم أُسمِّ عليه، ولا أَدري أيُّهما أخذَ، قالَ: "لا تأكلْ، إنما سمَّيتَ على كلبك، ولم تُسَمِّ على الآخر".

قوله: "فأدركتَه حيّا فاذبَحْه" من أفراد مسلم، وزادَ غيرُه بإسنادِه الصحيح: "فإن أدركتَه ولم يقتلْ فاذبَحْ واذكُر اسمَ الله".

فهذا فيه الدلالة من وجوهٍ عديدةٍ:

أحدُها: قول عديّ أولاً: "إني أُرسلُ كِلابي المعلَّمةَ فيُمسكنَ عليَّ وأذكُر اسمَ الله"، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أرسلتَ كلبكَ المعلَّم وذكرتَ اسمَ الله عليه"، وقوله: "إنما سمَّيتَ على كلبك" دليلٌ على أن عديا فهمَ من قوله تعالى: (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) (٣) أنه أمرٌ من الله بذكرِ اسمِه


(١) البخاري (٥٤٨٦) ومسلم (١٩٢٩/ ٦).
(٢) البخاري (٥٤٨٦).
(٣) سورة المائدة: ٤.