للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في المخلوقات. وأخبر بقوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (١) وبقوله (وَلَم يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)) (٢) ونحو ذلك أن يُماثِلَه العبادُ في صفاتهم، فتكون صفاته كصفاتِ خلقه.

فهذه النصوص المفسَّرة تُبيِّن أن تلك المعاني الفاسدة ليست مرادةً، سواء سَمَّى المسمِّي ذلك تأويلًا أو لم يُسمِّه.

فقول القائل "إذا تأولنا هذه الآيات احتملت هذه الأحاديث أيضًا التأويل" حقيقته أنا إذا نفينا عن النصوص أن يُراد بها معنى فاسدٌ بيَّن الله تنزُّهَهُ عنه في موضع آخر، وجب [أن] ننفيَ عن نصوصِ أخرى معاني ونفسِّرها بأمور من غير أن يدل القرآن والسنة لا على نفي هذا ولا على إرادة هذا، ومعلومٌ أن هذا باطلٌ سواء سمَّاه تأويلًا أو لم يُسَمِّه، لوجوه:

أحدها: أن ما نفي من المعاني الفاسدة هناك نفاه القرآن، فإن بينوا في بقية (٣) النصوص معنى فاسدًا نفاه القرآن وجب نفيُه أيضًا.

الثاني: أن ما فسَّروا به تلك النصوص هو تفسيرٌ يوافق سائر النصوص، لتفسيرهم لها بان الله إله من في السماء وإله من في الأرض، وأنه بكل شيء عليم، ونحو ذلك. وأما تأويلات الجهمية فهي متناقضة، منها قولهم (٤): "استوى" بمعنى استولى، فإن هذا فاسد من قريب عشرين وجهًا مذكورة في غير هذا الموضع (٥).


(١) سورة الشورى: ١١.
(٢) سورة الإخلاص: ٤.
(٣) في الأصل: "نفيه"، وهو تصحيف.
(٤) في الأصل: "كقولهما".
(٥) انظر "مجموع الفتاوى" (٥/ ١٤٤ - ١٤٩) ففيه ذكر اثني عشر وجهًا.