للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاءَها وقَدَّرَها، وهذه غاية يُحِبها ويأمرُ بها ويرضاها. والكلامُ على هذا مبسوط في غير هذا الموضع (١).

والعبادة لله أن يجمع غاية الحب له بغايةِ الذل له، فكل خيرٍ وكلِ كمال ومقامٍ وحالٍ قَرَّبَ إليه ونحوُ ذلك مما يُحمَد من العبادِ ويُطْلب منهم ويُرضى لهم فهو داخلٌ في طاعة اللهِ ورسوله أو مستلزمٌ لذلك. ولهذا اتفقت الأمةُ على أنه معصوم فيما يُبلِّغُه عن ربه تبارك وتعالى، فإن مقصودَ الرسالة لا يَتِمُ إلاّ بذلك، وكلُّ ما دل على أنه رسولُ اللهِ من معجزة وغيرِ معجزةٍ فهو يدلُّ على ما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:" فإنّي لَنْ أكذِبَ على الله" (٢).

وقد اتفقوا أنه لا يُقَرُّ على خَطَأٍ في ذلك، وكذلك لا يُقَرُّ على الذنوب لا صغائرِها ولا كبائرِها، ولكن تنازعوا: هل يقع منهم بعضُ الصغائرِ مع التوبة منها أو لا يَقَعُ بحالٍ؟

فقال كثير من المتكلمين من الشيعة والمعتزلين وبعض متكلمي أهل الحديث: لا يَقَع منهم الصغيرةُ بحالٍ، وزادت الشيعةُ حتى قالوا: لا يقع منهم لا خطأ ولا غيرُ خطأٍ.

وأما السلف وجمهور أهل الفقه والحديث والتفسير وجمهور متكلمي أهل الحديث من أصحابِ الأشعري وغيرهم فلم يَمنَعوا الوقوعَ إذا كانَ مع التوبة، كما دَلتْ عليه نصوصُ الكتابِ والسنة،


(١) انظر مجموع الفتاوى (٨/ ١٥٩ - ١٦١، ١٨٧ - ١٩٠،١٩٧ - ٢٠٠،٤٤٠ - ٤٤٢).
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٦١) عن طلحة.