للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعبَد الله وحده لا شريكَ له، وجُعِلَ رِزْقي تحتَ ظِلِّ رُمْحِي، وجُعِلَ الذلَّةُ والصَّغَارُ على من خالفَ أمري، ومن تَشبَّه بقومٍ فهو منهم".

ولهذا ينبغي أن يكون اهتمامُهم بكفايةِ أهل البيت الذين حُرِّمتْ عليهم الصدقةُ أكثر من اهتمامهم بكفاية الآخرين من الصدقة، لاسيَّما إذا تعذَّر أخذُهم من الخمس والفيء، إمّا لقلَّةِ ذلك، وإمّا لظلمِ من يَستولي على حقوقِهم فيَمنعُهم إيّاها من وُلاةِ الظلم، فيُعْطَون من الصدقةِ المفروضةِ ما يكفيهم إذا لم تَحصُل كفايتُهم من الخمس والفيء.

وعلى الآخذين من الفيء من ذوي القربى وغيرهم أن يتصفوا بما وصف الله به أهل الفيء في كتابه، حيث قال: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) الآيات (١). فجعل أهل الفيء ثلاثة أصناف: المهاجرين، والأنصار، (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)) (٢).

وذلك أن الفيء إنما حصلَ بجهادِ المهاجرين والأنصار وإيمانِهم وهجرتهم ونصرتهم، فالمتأخرون إنما يتناولونه مخلفًا عن أولئك، مشبهًا بتناول الوارث ميراث أبيه، فان لم يكن مواليًا له لم يستحق الميراثَ، فلا يَرِثُ المسلمُ الكافرَ، فمن لم يستغفر لأولئك بل كان مبغضًا لهم خرجَ عن الوصف الذي وصف الله به أهل الفيء، حتى يكونَ قلبه مسلمًا لهم، ولسانُه داعيًا لهم. ولو فُرِض أنه صَدَرَ من


(١) سورة الحشر: ٧ وما بعدها.
(٢) سورة الحشر: ١٠.