للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ، فإنّ إجماعَهم حجةً قاطعة، وليس لأحد أن يخالفَهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول ولا في الفروع. وحكى غيرُ واحدٍ من أهل العلم بآثارهم وأقوالِهم قالوا في قوله (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ) (١) ونحوه: إنه بعِلمِه (٢)، وحَكَوا إجماعَهم على إمرارِ [آيات] الصفات وأحاديثها وإنكارَهم على المحرِّفين لها.

ولهذا لا يَقدِر أحد أن يَحكِيَ عن أحدٍ من الصحابة والتابعين وغيرهم من سلف الأمَّة بنقلٍ صحيح أنه تأوَّلَ الاستواءَ بالاستيلاءِ أو نحوِه من معاني أهل التحريف، بل ينقل عنهم أنهم فسروا الآية بما يَقتضي أنه سبحانَه فوقَ عرشِه، ويُمكِنُه أن ينقلِ بالإسناد الصحيح أنهم قالوا في قوله (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ) أنهم قالوا: بعلمه.

قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب "التمهيد في شرح الموطأ" (٣) لمَّا شَرحَ حديث النزول، قال: هذا حديث لم يختلفْ أهلُ العلم في صحتِه، وفيه دليل [على] أن الله في السماء على العرش كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة. وهذا أشهرُ عند العامة والخاصة، وأَعرَفُ من أن يحتاجَ إلى أكثر من حكايتِه، لأنه اضطرارٌ، لم يُؤَنِّبْهم (٤) عليه أحدٌ ولا أنكرَه عليهم مسلمٌ.


(١) سورة المجادلة: ٧.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٢٨/ ١٠) و"السنة" لعبد الله بن أحمد (ص ٧١ - ٧٢) و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي (٣/ ٤٠٠ - ٤٠٢) و"الشريعة" للآجري (ص ٢٨٩).
(٣) ٧/ ١٢٨، ١٢٩، ١٣٤.
(٤) في الأصل: "يوقفهم"، والتصويب من التمهيد. وينظر تمام السياق هناك.