للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمتخذين عليها المساجد والسُّرُجَ". رواه أهل السنن (١)، وصححه الترمذي أو حسَّنَه.

فلَعَن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من يتخذ القبور مساجد ويُسرج عليها سُرُجًا كالشمع والقناديل ونحو ذلك، مثل ما يفعله كثير من الناس، وهذا ما اتفقَ عليه أهلُ العلم، فلم يتنازعوا في أنَّ ذلك غيرُ مشروع، بل يُنهَى عنه، حتى قال العلماء: من نَذَر لنبي أو غيرِ نبيّ شمعًا أو زيتًا أو نحو ذلك فإنَّه نذرُ معصيةٍ لا يجوزُ الوفاءُ به، لكن منهم من يَجعلُ عليه كفَّارةَ يمينٍ، ومنهم من يقول: لا شيء. وإذا صَرَفَ ذلك إلى مسجدٍ يُعبَد الله فيه وحده لا شريك له، أو صَرَفه إلى فقراء المسلمين المؤمنين الذين يَستعينونَ به على عبادةِ الله كان حسنًا. وقد ثبت في صحيح البخاري (٢) عن عائشة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "من نَذَر أن يُطيعَ الله فليُطِعْه، ومَن نَذَر أن يَعصِيَ اللهَ فلا يَعصِه".

وأما اعتقادُ بعض الجهّال أن حاجتَه قُضِيتْ بسبب هذه النذور فهذا جهلٌ وضلالٌ، فإن نذرَ الطاعة الذي يجب الوفاءُ به لا يُفيد في قضاء الحوائج، ولا يُستَحبّ بل يُكرَه، فكيف نذرُ المعصية؟ وقد ثبتَ في الصحيحين عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غيرِ وجهٍ أنه نَهَى عن النذر وقال: "إنه لا يأتي بخيرٍ، وإنما يُستَخرج به من البخيل" (٣). وقال: "إنّ النذر يَرُدُّ ابنَ آدمَ إلى القدر، فيعطي على النذر ما لم يُعطه على غيره" (٤).


(١) أخرجه أبو داود (٣٢٣٦) والترمذي (٣٢٠) والنسائي (٤/ ٩٤) وابن ماجه (١٥٧٥). وتكلم عليه الألباني في "الضعيفة" (٢٢٥).
(٢) برقم (٦٦٩٦، ٦٧٠٠).
(٣) البخاري (٦٦٠٨، ٦٦٩٢، ٦٦٩٣) ومسلم (١٦٣٩) عن ابن عمر.
(٤) أخرجه البخاري (٦٦٩٤) ومسلم (١٦٤٠) عن أبي هريرة.