للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدَّ به السيرُ أخَّرَ الظهر إلى وقت العصر، ثم نزلَ يجمع بينهما، وكذلك إذا جدَّ به السَّيرُ جمعَ بين المغرب والعشاء، وكذلك يجمع في سفرِه إذا جدَّ به السير، كما فعلَ بمزدلفة. وكذلك ثبت في الصحيح (١) من حديث أنس عنه أنه كان إذا ارتحل قبلَ أن تَزِيغَ الشمسُ أخَّرَ الظهرَ إلى وقت العصر، ثمَّ نزلَ فصلَاّهما جميعًا. وثبتَ في الصحيح (٢) عن ابن عباس رضي الله عنه أنه صلَّى بالمدينة سبعًا جميعًا وثمانيًا جميعًا، أراد بذلك أن لا يُحرِج أمته. وثبت في الصحيح (٣) من حديث معاذ أنه جمعَ في غزوة تبوك جَمْعَ التأخير. وروى أبو داود (٤) وغيرُه بإسنادٍ حسنٍ جَمْعَ التقديم من غير طريقٍ، فنبَّه الذي أنكر عليه، وكان هذا موافقًا لجمعِه بعرفةَ، وجمعُ التأخير أشهرُ، وقد رُوِيَ عنه أنه كان يجمعُ بالمدينة بالمطر، كما استدلَّ بذلك من حديث ابن عباس (٥).

وكان سلف أهل المدينة يجمعون في المطر بين المغرب والعشاء، ويجمع معهم ابن عمر وغيره من الصحابة مُقرِّين لهم على ذلك، مع أن الأمراء كانوا إذا خالفوا السنة أنكروا ذلك عليهم، [كما أنكروا عليهم] لما أذّنوا للعيد، وأنكروا عليهم لما قدَّموا الخطبة في العيد ولمّا أخرجوا المنبر لصلاة العيد، بل وأنكر ابن عمر قنوتهم في الفجر وغير


(١) البخاري (١١١١) ومسلم (٧٠٤).
(٢) مسلم (٧٠٥).
(٣) مسلم (٧٠٦).
(٤) في سننه: باب الجمع بين الصلاتين.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٤٤) ومن طريقه مسلم (٧٠٥) وأبو داود (١٢١٠) والنسائي (١/ ٢٩٠). قال مالك: أرى ذلك كان في مطر.