فقلتُ له: أما ما قالَه الشافعي فإنه حق يجبُ على كل مسلمٍ أن يقوله ويعتقدَه، ومن اعتقده ولم يأتِ بقولٍ يُناقِضه فإنه سالك سبيلَ السلامةِ في الدنيا والآخرةِ. وأما إذا بَحَثَ الإنسانُ وفَحَصَ وَجَدَ ما يقوله المتكلمون من التأويل الذي يخالفون به أهلَ الحديث كلَّه باطلاً، وتيقَّنَ أنَّ الحقَّ مع أهل الحديث ظاهرًا وباطنًا. فاستعظم ذلك وقال ... (١).
قال الفاضل الباحث على قولنا "إذا بَحثَ الإنسانُ وفَحَصَ وجدَ ما يقوله المتكلمون من التأويل الذي يخالفون به أهل الحديث باطلاً": الكلامُ على [هذا] من ثلاثة أوجُهٍ:
أحدها: القول الموجب، فإن المخالفة القول بما يُخالف قولَهم ويُناقِضه، لا القول بما لم يُصرِّحوا بنفيه ولا بإثباتِه، ولا أُسَلِّم أنَّ المعتبرين من المحدثين مَنَعُوا تأويل المعتبرين من المتكلمين، فإنْ نُقِلَ ما ظاهرُه ذلك حَملناه على التأويل بغيرِ دليلٍ أو على غيرِ القواعد العلمية، توفيقًا بين العلماء وصيانةً لهم عن تخطئةِ بعضِهم. وبالجملة فلا أُسلِّم أنَّ معتبرًا حزَمَ تأويلاً يَشهَدُ العقلُ بصحتِه عند الحاجةِ إليه، لعالمٍ متبحرٍ لا يَرضى بأسرِ التقليد، ولا يرى أن يستعمل في كتب الحقائق نور الحقائق الذي هو من أجلِّ نِعَمِ الله على العباد.
فإن قيل: فقد اشتهَرَ النهيُ عن الكلام في التأويل.
(١) اقتبس المؤلف من كلامه هذا القدر لأنه المقصود بالبحث هنا، وتتمته في المصدر السابق.