للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الله: (لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) (١) لم يكونوا منافقين، بل كانوا دخلوا في الإسلام، ولَمَّا يدخل الإيمان في قلوبهم فيثيبهم الله على الطاعة، ويعاقبهم على المعصية، كما قال تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شيئًا) (٢). وهذا قول أكثر أهل الحديث.

وقيل: بل هؤلاء كان إسلامهم إسلام نفاق، فلا يكون مسلمًا مثابًا على العمل إلا من هو مؤمن.

والتحقيق أن نفي الإيمان وإثباته باعتبارين:

فمن في قلبه مثقال ذرة من إيمانٍ لم يدخل جميع الإيمان في قلبه، وإنما دخل في قلبه شيء منه، فهذا يثاب على أعماله وهو مسلم ومعه إيمان، ولما يدخل كمال الإيمان في قلبه بل إيمانه ناقص، ولهذ كان الصحابة وجمهور السلف على أن الإيمان يزيد وينقص.

فالفاسق معه إيمان ناقص نقصًا هو نقص جزء واجب، وما كان كذلك فإنه يُنفَى، وإن كان قد أُثيب على فعل ما فَعَل لكن ما تبرأ ذمته، ولا يُعاقَبُ عقوبةَ من لم يفعل شيئًا. كمن ترك بعض واجبات العبادة فيقال: صلِّ فإنك لم تُصلِّ، ولا يكون من ترك الطمأنينة كمن ترك جميع الصلاة، ولهذا تكمَل الفرائض يوم القيامة من النوافل، والعبد ينصرف من صلاته ولم يُكتب له منها إلا نصفها،


(١) سورة الحجرات: ١٤.
(٢) سورة الحجرات: ١٤.