فهذان نوعانِ مباحانِ: اشتراء السلعة لينتفع بها، أو ليتجر فيها يقصد فيها الربح، وكلاهما مباحٌ بنصِّ القرآن والسنة وإجماع الأمة.
والثالث: الربا، وهو أخذُ مالٍ زائد بلا عوضٍ يقابلُه، بل أكلٌ له بالباطل، مثل مئة بمئة وعشرين إلى أجل، وهذا بيِّنٌ في النَّساء في الجنس، وهو متفق على تحريمه في النَّقْدَيْنِ وفي الصنف الربوي كالأعيان الستة، لا يبيع حنطةً بأكثر منها إلى أجل، ولا شعيرًا ولا تمرًا ولا زبيبًا ولا ملحًا. وهو أيضًا متفق عليه بين المسلمين في القرض من سائر الأجناس، فإذا أقرضَ ما يُكال وما يُوزَن وشَرطَ أكثر منه، لا يجوز ذلك باتفاقهم. ولو أقرضه ما يُوزن، كالقطن والكتان والحديد وغيره، وشرطَ أكثر، لم يجز بالاتفاق. وكذلك لو أقرضه ما يُكال ولا يؤكل، كالسِّدر والخِطْمي والأُشنان وغير ذلك، وشرطَ أكثر، لم يجز باتفاقهم.
وهذا من أقوى الحجج على أن الجنس الواحد إذا اجتمع فيه نوعا الربا التفاضل والنَّساء، لم يجز ذلك، وإن كان لا يجري فيه ربا الفضل، فإنهم متفقون على هذا في القرض، لو أقرضه ما يُوزَن لم تجز الزيادة.
وإن قيل: ليس فيه ربا الفضل، فيجب أن يكون إذا قال: بعتُك هذا الرطلَ برطلينِ من جنسه إلى شهرٍ، وهذا الكيلَ بكيلينِ إلى شهر، لم يجز، وهذا مذهب مالك وأحمد في رواية، لأنه لو جاز ذلك لجاز أن يُجعَل ذلك قرضًا بزيادة؛ إذ الاعتبار بالمقاصد لا بالألفاظ.
ولو قال: أقرضتُك هذا الرطلَ على أن تردَّ رطلين لم يجز، سواء