للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مئة درهم إلى سنةٍ في وَسَقٍ حنطةٍ ولم يُعطِه شيئًا، فإن هذه المعاملة ليس فيها منفعة بل مضرة، هذا يطلب هذا بالحنطة، وهذا يطلب هذا بالدراهم، ولم ينتفع واحد منهما، بل أكل مال الآخر بالباطل من غير نفع نفعه به، وهذا بخلاف بيع الساقط بالساقط، فإن براءة ذمة كل منهما منفعة له.

وكذلك إذا قال: عَجِّلْ لي وأَضَعُ عنك، فالمعجِّل برئتْ ذمتُه بإقباض البعض، فأبرأه من الباقي، وهذا منفعة له، بخلاف ما إذا زِيْدَ عليه في الدَّين، فذاك يضره. وصاحب الدَّين انتفع بتعجيل القبض، وكلٌّ منهما انتفع. وهنا المؤجَّل صار حالًّا بل ساقطًا، ليس مثله أن يبيعه دراهم إلى أجل بدراهم معجلة، فإنه هنا أجَّل عليه ما لم يكن مؤجَّلًا، فشغلَ ذمتَه بغير منفعة، وهذا ضرر، وأَمْرُ الشارع عدلٌ وحكمةٌ ورحمةٌ، وهو إ نما ينهى الناس عما يضرُّهم، لا عما ينفعهم.

ولما نهى عن بعض الرُّقى نهى عما فيه شرك، وقال: «من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل» (١)، وقال: «لا بأسَ بالرُّقى ما لم يكن شركًا» (٢). وأكلُ المال بالباطل إضرارٌ وظلم، وذلك نوعانِ: ربا وميسر، والقرآن حرَّم هذا وهذا، فالربا فيه زيادة قبضٍ بلا معنى، والميسر فيه أخذ المال على باطل، ومخاطرة يتضمن أكل المال بلا منفعة.


(١) أخرجه مسلم (٢١٩٩) عن جابر بن عبد الله.
(٢) أخرجه مسلم (٢٢٠٠) عن عوف بن مالك الأشجعي.