سواء السبيل، والحمد لله، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم تسليمًا.
آخر ما وُجِد بخطه، ومنه نقل الإمام شمس الدين محمد ابن المحبِّ المقدسي الحنبلي تغمده الله تعالى برحمته، وقال: إنه وجده في دُرْجٍ، وفي ظهره مكتوبٌ ما صورته بخطه أيضًا:
الحمد لله.
وضلَّ بالأسباب خلقٌ كالتراب، كما هُدِي إلى حقيقتها أولو الألباب، فمِن هنا ضلَّ الطبائعيُّون القاصرون نظرَهم على الطبائع المخلوقة في الأجسام؛ إذ نسبوا إليها التأثيرَ على الكمال والتمام، والمنجِّمون الناظرون إلى حركة الكواكب والأفلاك، حين حسبوا أن لها في ذلك شِركًا من الأشراك، والصابئة الزائغون أبصارَهم إلى حقيقة (١) الأرواح، ولكن وقفوا عندها فحادوا عن سَنَن الفلاح.
وكان شيطانُ القدريَّة فيما رأوه من الحركات الاختيارية شيطانًا مَرِيدًا، فضلُّوا من حيث ظنُّوا الهدى ضلالًا بعيدًا.
وآخرون غلوا في مناقضة أهل البدع والضلال، فأفضى بهم الغلوُّ إلى سوء الحال، فسلبوا المخلوقاتِ ما فيها من القُوى والإرادات والطِّباع، حتى تجهَّموا فصاروا جبريَّة من أهل الابتداع.
ودينُ الله تعالى بين الغالي فيه والجافي عنه.
واعلم أنه ما من عاقلٍ يقول مقالةً إلا ولا بدَّ أن تكون مشتملةً على شيءٍ
(١) رسمت في الأصل: "حروره". وأثبتُّ أشبه ما يحتمله الرسم من الصواب.