للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١): "صلاة الرجل في المسجد تَفضُل على صلاتِه في بيته وسوقِه بخمس وعشرين درجة. وذلك أن الرجلَ إذا تطهَّر في بيته فأحسن الطهورَ، ثم أتى المسجدَ لا يُنْهزُه إلاّ الصلاةُ فيه، كانت خطوتاه إحداهما تَرفَعُ درجةً والأخرى تَحُطّ خطيئةً، فإذا جلسَ فإنه في صلاةٍ ما دام ينتظر الصلاة، والملائكة تُصفَي على أحدِكم ما دامَ في مصلاه الذي صفَى فيه: "اللهمَّ اغفرْ له، اللهُمَّ ارْحَمْه " ما لم يُحدِثْ أو يَخْرُجْ من المسجد".

وأما قول السائل: "بحرمة فلانٍ الميت أن تَقْضِيَ حاجتي أو تَغفر لي " فهذا ليس بمشروع، فإن هذا لم يفعله أحدٌ من السلف، ولا استحبَّه أحدٌ من الأئمة، ولا فيه أثرٌ عمن مضى، والعبادات مبناها على الاستنان والاتباع، لا على الهوى والابتداع، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه) (٢)، وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي تمسّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كل بدعةٍ ضلالة" (٣).

ولو كان هذا مشروعًا لأحدٍ أو في حقّ أحدٍ لكان أحقُّ الناس بذلك أصحابَ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه أفضلُ الخلق


(١) البخاري (٦٤٧) ومسلم (بعد رقم ٦٦١) عن أبي هريرة.
(٢) سورة الشورى: ٢١.
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ١٢٦) وأبو داود (٤٦٠٧) والترمذي (٢٦٧٦) وابن ماجه (٤٣، ٤٤) من حديث العرباض بن سارية.