عليه النطق عند من يخافه، بل لا بدَّ من النطق فيما بينه وبين الله.
فصل
* وأما السؤال عن القرآن إذا قرأه الأحياء للأموات فأهدوه إليهم، هل يصل ثوابه سواء كان بعيدًا أو قريبًا؟
والجواب: أن العبادات المالية كالصدقة تصل إلى الميت باتفاق الأئمة؛ لأنه تدخلها النيابة بالاتفاق، وأما العبادات البدنية كالصلاة والصيام والقراءة ففيها قولان للعلماء:
أحدهما: يصل ثوابها للميت، وهذا مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه، وهوالذي ذكره الحنفية مذهبًا لأبي حنيفة، واختاره طائفةٌ من أصحاب مالك والشافعي، وقد ثبت في «الصحيح»(١) عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه». فجعل الصيام يقبلُ النيابة.
ومنهم من قال: إنه لا يصل، وهو المشهور من مذهب مالك والشافعي.
ومن احتجَّ على ذلك بقوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] فحجَّتُه داحضة؛ فإنه قد ثبت بالنص والإجماع [ق ٥٦] أنه ينتفع بالدعاء له والاستغفار والصدقة والعتق وغير ذلك، فالقول في مواقع النزاع كالقول في موارد الإجماع.
وقد ذكر الناس في الآية أقاويل، أصحها أن الآية لم تنف انتفاع
(١) أخرجه البخاري (١٩٥٢)، ومسلم (١١٤٧) من حديث عائشة رضي الله عنها.